سامح سعيد عبود
يقهر البشر بعضهم البعض إما بالعنف أو تلبية الاحتياج أو التضليل، وعبر العشرات من العلاقات الاجتماعية المختلفة العائلية والإنتاجية وغيرها يتجلى القهر كعلامة مميزة لتلك العلاقات، وعبر عشرات المؤسسات من الأسرة إلى المدرسة إلى المصنع تتم ممارسة القهر كوظيفة جوهرية لتلك المؤسسات، إلا أن الدولة تتميز كمؤسسة بكونها الجهاز الشامل للقهر الذى يعلو كل مؤسسات القهر الأخرى، ذلك لأنها بحكم تعريفها هى المؤسسة التى تحتكر وحدها الحق فى ممارسة العنف المسلح بواسطة قوات الجيش والشرطة، ومن ثم فأنها تتصدى بالطبع لكل من يحاول أن ينازعها هذا الحق سواء من الأفراد أو الجماعات التى تشملهم بقهرها، أو الدول الأخرى لو حاولت أن تشاركها أو تمنعها من قهر مواطنيها ورعاياها، والدولة تلبى احتياجات ضرورية للمجتمع الذى تتسلط على أفراده وجماعاته وطبقاته، وهى منع الصراعات بين أفراد المجتمع وجماعته وطبقاته.
عندما كانت السيطرة على وسائل العنف أو المعرفة تضمن السيطرة على فائض الإنتاج الاجتماعى، كان شكل ممارسة السلطة فى الدولة يميل دائما للاستبداد والديكتاتورية الصريحة كما فى كل المجتمعات الإقطاعية والخراجية ما قبل الرأسمالية، فضلا عن المجتمعات البيروقراطية الحديثة المعروفة بالاشتراكية، ذلك أن من كانوا يسيطرون على وسائل العنف من العسكريين والنبلاء الإقطاعيين أو وسائل المعرفة من رجال الدين والبيروقراطيين وساسة الدولة، كانوا يستولون فى نفس الوقت على الفائض من الإنتاج بالعنف أو بالتضليل، أى أنهم كانوا يستولون على الإنتاج الفائض بحكم هذه السيطرة العسكرية أو بحكم المعرفة الدينية أو الإدارية أو السياسية، وليس بحكم ملكيتهم الخاصة لوسائل الإنتاج.
عندما كان تملك وسائل الإنتاج يضمن السيطرة فى نفس الوقت على وسائل كل من العنف و المعرفة كما فى المجتمعات الرأسمالية و العبودية، كان شكل ممارسة السلطة فى الدولة يتم عبر أشكال متفاوتة الدرجة من الديمقراطية السياسية المحصورة فعلا فيما بين ملاك العبيد قديما والرأسماليين حديثا، و التى كان يحرمها ملاك العبيد صراحة على العبيد كما كان فى المدن اليونانية و روما قديما، أو يمنعها الرأسماليون الآن عمليا، و إن لم يكن نظريا بالطبع على البروليتاريا فى عصرنا الحديث، كما فى كل الديمقراطيات البرجوازية، و ديمقراطية ملاك العبيد قديما أو ديمقراطية الرأسماليين حديثا، هى فى المحل الأول الطريقة المثلى لحسم التنافس فيما بين ملاك العبيد أو بين الرأسماليين على السلطة والثروة، بدلا من استخدامهم العنف المسلح والمؤامرات والانقلابات وسائر ما يمارسه الإقطاعيين و رجال الدين والعسكريين والبيروقراطيين وساسة الدولة من صراعات فيما بينهم حسما لنفس التنافس على السلطة والثروة. زیاتر بخوێنەرەوە الدولة جهاز القمع الاجتماعى
