4ـ وحش البيروقراطية الفاسد والمدمر
عرف البشر الإدارة البيروقراطية فى الإنتاج والخدمات عبر التاريخ البشرى المكتوب فقد كان هناك دائما أفراد وجماعات قد لا يملكون وسائل الإنتاج والثروة، ولكنهم يملكون من المعارف والمهارات التى لا تستغنى عنها الطبقات المالكة لممارسة استغلالها وتسلطها وهيمنتها، فاستخدمتهم تلك الطبقات سواء ملاك العبيد والعقارات أو السادة الحكام أو الرأسماليين مقابل أجور ومنافع و امتيازات مختلفة لمساعدتهم فى إدارة شئون الدولة المختلفة، و إدارة وسائل الإنتاج والخدمات التى يملكونها، و جعلتهم يتقاسمون معها الفائض من الإنتاج الذى تستولى عليه تلك الطبقات، و من ثم فالأجور المرتفعة العينية والنقدية التى يحصل عليها البيروقراطيون شكلت دائما نسبة عالية جدا من مجمل الأجور.
كانت الفترة الممتدة من نهاية القرن التاسع عشر إلى نهاية القرن العشرين، هى فترة توسع القطاع العام و تضخم تدخل جهاز الدولة فى الإنتاج والخدمات والائتمان والتجارة، بدءا من المجتمعات البيروقراطية الحديثة التى عرفها الناس باسم الاشتراكية، و التى خلت تماما من علاقة الإنتاج الرأسمالية،و حتى المجتمعات الرأسمالية سواء المتقدمة أو المتخلفة، ففى تلك الفترة تضخم القطاع العام سواء أكان هذا لحد كبير أو لحد متوسط، إذ لم تخلو كل المجتمعات المحلية طوال تلك الفترة من هذا القطاع حتى ولو على نطاق محدود، وقد تجاورت في البلاد الرأسمالية كلتا العلاقتين الإنتاجيتين الرأسمالية و البيروقراطية، مع تفاوت فى درجة السيطرة من أحداهما على الأخرى فى كل بلد على حدة، كما شهدت تلك الفترة أيضا ظاهرة أن المؤسسات الرأسمالية الكبرى نفسها أتاحت للبيروقراطيين العاملين فيها التحكم فى تلك المؤسسات، وسمحت بتوسيع مدى مشاركتهم فى نهب فائض الإنتاج، منذ أن عرفت تلك المؤسسات الانفصال بين الملكية و الإدارة. Continue reading “العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) / 4”
پێویستە لە ژوورەوە بیت تا سەرنج بنێریت.